آقاعدة عامة، لم يتمكن الفلسطينيون من إقامة مدن جديدة، بعكس الحال في العديد من الدول. فإسرائيل على سبيل المثال أقامت ثلاث مدن آبيرة على
أراضي الضفة الغربية المحتلة هذاعدا ما شيدته من مستوطنات آبيرة جدا في القدس المحتلة وغيرها. والفلسطينيون لم يتمكنوا من مغادرة التقاليد التي
قاموا بتوسيع المدن القائمة فحسب ، بالاضافة –ألفوها وعاشت معهم قرونا طويلة. فهم - حالهم آحال العديد من العرب عدا مصر وبعض دول الخليج
لكن تفكيرهم لم يأخذهم باتجاه إقامة مدن جديدة بأنماط مختلفة عما .الى إقامة أحياء و/أو ضواحي جديدة على أطراف المدن وتوسيع وتحديث مراآزها
هو قائم حاليا. وقد بقي التطور والتقدم العمراني محصورا في المدن الرئيسة ، مما زاد الضغوط والأعباء على المرافق والخدمات القائمة والتي
وللأسف الشديد، لم يحدث عليها تحسنا وتوسعا مماثلا لما جرى في البناء العمراني, مما أوجد قصورا ونقصا في مختلف أوجه الخدمات آما ساهم
بالضغط على المرافق الموجودة نفسها، حيث باتت قاصرة عن الاستجابة للتوسع الجديد لأنها غير مؤهلة لذلك , لانه حين تم تصميمها لم يؤخذ بعين
الاعتبار الزيادة الهائلة المتوقعة في عدد السكان ، مما جعلها قاصرة عن تلبية الاحتياجات المتزايدة . من هنا فإن فكرة إقامة مدن حديثة خارج حدود
المدن الحالية أو اقامة ضواحي آبيرة على أطرافها بات هو الحل النموذجي لأزمة السكن، باعتباره الأسلوب الأفضل والانجع لتقليص الهوة أو الفجوة
 .بين الطلب على الاحتياجات السكنية والكمية المعروضة منها
 [لماذا المدن الجديدة ]
مع التقدير الكبير لكل ما قام به المستثمرون الأفراد أو الشرآات الخاصة العاملة في القطاع العقاري من بناء وحدات سكنية عديدة ساهمت بشكل جزئي
في تخفيف حدة الأزمة السكانية المستفحلة في الضفة الغربية وقطاع غزة ، إلا أن ذلك ليس من شأنه أن يحل الفجوة المتزايدة بين النمو الطبيعي
للسكان والحاجة إلى السكن المناسب. فهذا ليس دور أو مسؤولية المستثمر الفرد والشرآات الصغيرة ومن الظلم تحميل تحميل استمرار وجود الأزمة
أو الفجوة إليهم . فما هو مطلوب أآبر من قدراتهم بكثير، مما يستوجب التوجه والتفكير با سلوب مغاير في البناء يعمل على تسريع وتيرة حل المشكلة
وردم النقص المتزايد في الطلب على الوحدات السكنية. وفي هذا الجانب لا بد من التطرق في هذه المقالة إلى نقطتين الأولى تتعلق بالقدرة على تلبية
 .الاحتياجات السكنية والثانية تتناول الآثار الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن إقامة المدن الجديدة أوالضواحي الكبيرة
ففيما يخص القدرة على تلبية الاحتياجات السكنية فقد تم التعرض إليها في المقالة الأولى لكن من المفيد الاشارة هنا الى الإمكانيات والقدرات المحدودة
فالقضية محل الدراسة ليست في بناء مائة أو .للمستثمرين الأفراد والشرآات مما يحول دون تمكنهم من توسيع حجم استثماراتهم في القطاع العقاري
مائتين وحتى ألف وحدة سكنية وإنما في تشييد عشرات الآلاف من الوحدات مع مرافق الخدمات المستقلة عن تلك القائمة حاليا. فمرافق الكهرباء والمياه
والمجاري والاتصالات والخدمات الصحية بما فيها المستشفيات الحالية لا تكفي بل ولا تستطيع الاستجابة لمتطلبات الأعداد المتزايدة من السكان ، مما
فالأمر لا يتعلق ببناء آذا وحدة سكنية فحسب، وإنما في إعادة تأهيل .يستوجب البدء بإنشاء مرافق البنية التحتية بشكل مستقل عن تلك القائمة حاليا
المرافق القائمة وبناء شبكات طرق حديثة وبنية تحتية تستطيع أن تستوعب الاحتياجات المتزايدة بسبب النمو الطبيعي والذي يعتبر الأعلى في العالم.
وعليه فإن الأفراد والشرآات الصغيرة لن تتمكن من حل المعضلة الإسكانية المستفحلة ، لذا لا من بناء مرافق خدمات جديدة لأن المطروح ليس توسيع
شبكة معينة لزيادة نسبة استيعابها وإنما بناء نظام آامل من الخدمات والمرافق ، وهذا ما لا يستطيع الأفراد تحقيقه لكونه يقع خارج الامكانيات المتاحة
 .لهم بالاضافة الى آونه ليس من مسؤولياتهم
 [الآثار الاقتصادية ]
لعل الموضوع الثاني الأآثر أهمية هو ما يتعلق بالآثار الاقتصادية الناجمة عن إقامة مشاريع المدن الجديدة والضواحي المميزة ذات الطاقة الاستيعابية
ستساهم بشكل فعّال في إيجاد وظائف تصل ,على سبيل المثال- والتي تزمع شرآة بيتي بنائها فعلى سبيل المثال لا الحصر فإن مدينة روابي – . الكبيرة
الى عشرة آلاف وظيفة من مهندسين وعمال وفنيين وأعمال حرة أخرى طيلة فترة بناء وتشييد المدينة التي ستصل إلى عامين في المرحلة الأولى
 .والمخطط خلالها بناء خمسة آلاف وحدة سكنية
ولن يتوقف الأمر عند هذا الحد ، بل أنه ومع اآتمال مشروع بناء المدينة فإن هناك ما لا يقل عن 3000 وظيفة دائمة سوف تخلق قابلة للزيادة إلى
5000 وظيفة مع اآتمال المدينة من آافة التخصصات والمهن الحرة مثل البنوك والشرآات والتجارة والمدارس والشرطة والأسواق والمكاتب ...الخ .
نتحدث عن فرص عمل جديدة حقيقية لخدمة نحو اربعين ألف نسمة وهم عدد من سيسكنون ويعملون في المدينة النموذجية ,فنحن والحالة هذه
المقترحةبعد اآتمال بقية الانشاءات . ومما لا شك فيه, فأن ذلك سيؤدي إلى تقليص البطالة بشكل ملموس عند الانتهاء من بناء المدينة ومرافقها
 .الاقتصادية والتجارية
وإذا أضفنا إلى ذلك أن هناك العديد من الخبراء العالميين سوف يعملون على المشروع مما يعني أن الكثير من المهندسين والفنيين الفلسطينيين سوف
يستفيدوا من تجارب الغير مما يساهم في رفع آفاءتهم المهنية والإدارية وسيؤدي إلى تبادل الخبرات مما يعزز القدرة والكفاءة المهنية لدى الفلسطينيين
ويؤهلهم في المستقبل إلى التخطيط المستقل لإقامة المدن والضواحي الكبيرة بعيدا عن الخبرات الأجنبية. آما أن من شأن إقامة المدن الجديدة تحفيز
ودفع الجامعات الفلسطينية نحو التفكير الجدي لإيجاد مساقات تعليمية حول الأسس العلمية لإنشاء المدن الجديدة ، مما يربط الجامعات بالواقع
الاجتماعي ويدفعها نحو المشارآة الفعّالة في بناء الوطن قولا وفعلا. وفي حال تعميم التجربة ودخول مستثمرين جدد ، للقيام بمشاريع مماثلة آما هو
الحال مع صندوق الاستثمار الفلسطيني ، فان ذلك من شأنه ان يخلق فرص عمل حقيقية ويساهم تدريجيا في حل الازمة السكنية المستعصية منذ زمن
 .في فلسطين
ومن هذا المقام .. نتطلع إلى أن تحذوا شرآات فلسطينية عدة لإقامة مدن وضواحي جديدة بكل ما يستتبعه من خدمات ومرافق.. فهذه هي طريق التنمية
الحقيقية .. طريق ردم الفجوة السكنية المتزايدة .. طريق دخول فلسطين القرن الحادي والعشرين بأفكار ومشاريع جديدة قادرة على مواجهة متطلبات
العصر مما يمكننا من تعزيز بناء دولتنا الوطنية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، فهذا هو الأمل والمرتجى